مقدمة
الحديث في موضوع ختم الأولياء ليس بالأمر الهيّن أو السهل، فهو موضوع شائك وغامض ومليء بالرموز والإشارات والأسرار، كما أنّ الخط الفاصل بين التعبيرات التي تتصل بالظاهر وتلك التي تتصل بالأمور الغيبية غير واضح، فلا يكاد القارئ يظن أنه عثر منه على أثر حتى يجد لوحة إرشادية أمامه تذكره أنّ ما قرأه توًّا يتضمن من الأسرار والعلوم الشيء الكثير وترجو أن يكون قد عثر على شيء منها، وإلا فعليه إعادة النظر فيما قرأه حتى يتبيّنها.
ويزيد الأمر صعوبة انعدام المراجع المعتمدة -تقريبا- في هذا الموضوع، فالكتاب الوحيد -المعلوم لدي- المخصص له وهو “عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب” متوفر بطبعات تتناقض وتتعارض أفكارها إلى درجة لا يقبلها منطق بعد أن تصدى لطباعته أناس وجهات لا يحملون حرصا على تحقيق النص وتقديمه سليما معافى من العيوب التي لحقت به جرّاء النقل المتكرر، الأمر الذي دفعنا إلى إهمالها والاعتماد على مخطوطة نسخت عام 1220ه بعد أن رأيناها -رغم ما تحمله من أخطاء- أفضل من أي مطبوعة محققة أو غير محققة. كما رأينا الاعتماد أكثر على ما جاء في موسوعة “الفتوحات المكية” بعد أن وفقنا الله في تحقيقها بالاعتماد على نسخة كتبها مؤلفها الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي بخط يده.
الولاية والأولياء
تعريف الولاية والولي:
تبيّن معاجم اللغة معاني الولي والولاية كما يلي: الولي: الناصر، والتابع المحب، وكل من تولّى أمر واحدٍ فهو وليّه، والولاية: السلطان، النصرة. كما أنّ الولي اسم لله تعالى.
ويتفق الشيخ الأكبر مع هذا التعريف، مع توضيح إضافي بقوله:
“الولاية نعت إلهيّ. وهو للعبد خُلُق لا تخلُّق. وتعلّقه من الطرفين عامٌّ، ولكن لا يُشْعَر بتعلّقه عموما من الجناب الإلهيّ، وعمومُ تعلّقه من الكون أظهرُ عند الجميع. فإنّ الولاية نصر الوليّ، أي نصر الناصر، فقد تقع لله، وقد تقع حميّة وعصبيّة، فلذلك هو عامّ التعلّق. ولَمّا كان هذا النعت للإله، كان عامَّ التعلُّق. وهكذا كلُّ نعت إلهيّ لا بدّ أن يكون عامَّ التعلّق، وإن لم يكن كذلك فليس بنعت إلهيّ. لكنّ بعض النعوت مثل نعت الولاية، لا ينسبه الله لنفسه إلّا بتعلّقٍ خاصٍّ، للمؤمنين خاصة والصالحين من عباده، وهو ذو النصر العام في كلّ منصور.
ولَمّا كان نعتا إلهيّا -هذا النصر المعبّر عنه بالولاية، وتَسمّى -سبحانه- به وهو اسمه الوليّ، وأكثر ما يأتي مقيَّدا كقوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾- سَرَى في كلّ ما ينسب إليه إلهيّةٌ مما ليس بإلهٍ”[1].
كما أنّ “الولاية البشريّة قوله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾ وقوله آمِرًا: ﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾ فعلمنا أنّه لو لم يكن ثَمّ مقابل لوجود الحقّ ولوجوب وجوده، يطلبنا ذلك المقابل بالنصر، لنكون في قبضته وملكه، على وجود الحقّ؛ ما قال الله لنا: ﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾ على هذا المقابل المنازع. وهذه تُعرف بالمقابلة المعقولة. ولمّا كان الحقّ -تعالى- له صفة الوجود وصفة وجوب الوجود النفسيّ، وكان المقابل يقال له: العدم المطلق وله صفة يسمّى بها المحال، فلا يقبل الوجود أبدا لهذه الصفة، فلا حظّ له في الوجود، كما لا حظّ للوجوب الوجود النفسيِّ في العَدَم، (نقول:) ولَمّا كان الأمر هكذا، كنّا نحن في مرتبة الوسط، نقبل الوجود لذاتنا، ونقبل العدم لذاتنا، ونحن لما نُقْبِل عليه، فَيَحْكُمُ فينا بما يعطيه حقيقته، ونكون ملكا له، ويظهر سلطانه فينا”[2].
والولاية “هي الدائرة الكبرى. فمِن حكمها أن يتولّى الله من شاء من عباده بنبوّة، وهي من أحكام الولاية، وقد يتولّاه بالرسالة، وهي من أحكام الولاية أيضا. فكلّ رسول لا بدّ أن يكون نبيّا، وكلّ نبيّ لا بدّ أن يكون وليّا: فكلّ رسول لا بدّ أن يكون وليّا. فالرسالة خصوص مقام في الولاية. والرسالة في الملائكة (ثابتة) دنيا وآخرة لأنّهم سفراء الحقّ لبعضهم وصِنفهم ولمن سِواهم من البشر في الدنيا والآخرة. والرسالة في البشر لا تكون إلّا في الدنيا، وينقطع حكمها في الآخرة. وكذلك تنقطع في الآخرة، بعد دخول الجنّة والنار، نبوّةُ التشريع لا النبوّة العامّة”[3]. “فالأولياء هم ولاة الحقِّ على عباده. والخواصّ منهم، الأكابر، يقال لهم: رسل، وأنبياء. ومن نزل عنهم بقي عليه اسم الولاية. فالولاية الفلَك المحيط الجامع للكلّ. فهم، وإن اجتمعوا في منصب الولاية، فالولاة لهم مراتب”[4].
“والعلم من شرائط الولاية، وليس من شرطها الإيمان؛ فإنّ الإيمان مستنَدُه الخبر فلا يحتاج إليه مع الخبر.. فأوّلُ مرتبة العلماء بتوحيد الله الأولياءُ، فإنّ الله “ما اتّخذ وليًّا جاهلا” وهذه مسألة عظيمة أغفلها علماء الرسوم. فإنّه يدخل تحت فلك الولاية كلُّ موحِّد لله بأيّ طريق كان. وهو المقام الأوَّل”[5].
معارج الأولياء:
وللأولياء معارج تكون “بالهمم. وشارَكهم الأنبياء في هذا المعراج، من كونهم أولياء، لا من كونهم أنبياء ولا رسلا. فيعرج الوليُّ بهمّته وبصيرته على براق عمله ورفرف صدقه؛ معراجا معنويّا، يناله فيه ما تعطيه خواصّ الهمم من مراتب الولاية والتشريف”[6].
طبقات الأولياء:
“وأمّا عدد الأولياء الذين لهم عدد المنازل فهم ثلاثمائة وستة وخمسون نفسا. وهم الذين على قلب آدم، ونوح، وإبراهيم، وجبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وهم: ثلاثمائة، وأربعون، وسبعة، وخمسة، وثلاثة، وواحد، فيكون المجموعُ ستةً وخمسين وثلاثمائة. هذا هو عند أكثر الناس من أصحابنا، وذلك للحديث الوارد في ذلك. وأمّا طريقتنا وما يعطيه الكشف الذي لا مرية فيه، فهو.. خمسمائة نفس وتسعة وثمانون نفسا. منهم واحد لا يكون في كلّ زمان، وهو الختم المحمدي. وما بقي فهم في كلّ زمان: لا ينقصون ولا يزيدون…
والمجمع عليه من أهل الطريق أنّهم على ستّ طبقات أُمّهات: أقطاب، وأئمّة، وأوتاد، وأبدال، ونقباء، ونُجَباء. وأمّا الذين زادوا على هؤلاء في الكشف، فطبقات الرجال عندهم الذي يحصرهم العدد ولا يخلو عنهم زمان، خمس وثلاثون طبقة لا غير، ومرتبة الختمين”[7].
الفرق بين النبي والولي:
رأى بعض الشيوخ أن الفرق بين النبي والولي هو نزول الملك على النبي دون الولي، وينتقد الشيخ الأكبر هذا القول، ويرى أنّ الملك ينزل على الولي كما ينزل على النبي، والفرق إنما هو “فيما ينزل به الملَك لا في نزول الملَك. فالذي ينزل به الملَك على الرسول والنبيّ، خلاف الذي ينزل به الملَك على الوليّ التابع”[8].
حسن الظن بالأولياء وحرمة محاربتهم:
وإذا كان أمر الأولياء هكذا لزمنا عندئذ احترامهم، بعد التحقق من دعواهم، وسبيلنا في ذلك هو النظر “في دعوى المدّعي، حتى لو بثّها رسولُ الله e لتلقّيناها بالقبول، وذلك لثبوت عصمته عندنا. فلو ثبتتْ ولايةُ هذا المدّعي لها، عند السامعين لها منه، لصدَّقوه لكونه وليًّا من أولياء الله -تعالى-. فلنحسن الظنَّ نحن به، ونتخيّل فيه الولايةَ، ونخرِّج أسرارَه ومراميه على أَسَدِّ الوجوهِ. وهذا كلّه مما أعطتنا حالة الاستقامة”[9]، “ومَن ثَبَتت ولايته؛ فقد حَرُمت محاربته، ومَن حارب اللهَ؛ فقد ذكر اللهُ جزاءه في الدنيا والآخرة. وكُلُّ مَن لم يُطلعْك الله على عداوته لله؛ فلا تتّخذه عدوّا”[10].
* * *
ختم الأولياء
تعريف الختم:
أصل الخَتم في معاجم اللغة: التغطية، خَتَم الشيء يختمه ختما: بلغ آخره، الخاتمة بمعنى الختم. خاتِم العمل: آخره. خِتام الوادي: أقصاه. كما أنّ الخاتَم والخاتِم: من أسماء النبي e.
يميّز الشيخ الأكبر بين أمرين هما شمس المغرب والختم، ويقول: “شمس المغرب (هو) ما طلع في عالم غيبك من أنوار العلوم، وتجلى إلى قلبك من أسرار الخواص والعموم. كما أنّ الختم (هو) ما ختم به على مقامك عند منتهى مقامك”[11]. فهما إذن مرتبتان: الأولى متعلقة بالمراحل الأولى من تلقي الأنوار والتجليات وانكشاف المغيبات عبّر عنها بالشمس التي تعقب الظلام فيرى الإنسان ما كان غائبا عنه من الآفاق قبل ذاك. والثانية تمثل الوصول إلى ختام الأمر الذي يعرف فيه الولي نفسه فيعرف الحق.
وفيما بين هاتين المرتبتين تقع مرتبة الصديقية وفق الشيخ الأكبر “فرأيت ختم أولياء الله الحق في مقعد الإمامة الإحاطية والصدق، فكشف لي عن سر محتده وأمرت بتقبيل يده. ورأيته متدليا على الصديق والفاروق متدانيا من الصادق المصدوق، محاذيا له من جهة الأذن قد ألقى السمع لتلقي الإذن..
ثم نازعني الحديث، وتغنّينا بالقديم والحديث… ويقول: ردِّني برداء الكتم، فإني أنا الختم، لا وليّ بعدي، ولا حامل لعهدي، بفقدي تذهب الدول، وتلتحق الأخريات بالأول”[12].
لماذا الختم:
يجيب الشيخ الأكبر عن هذا السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الباحث، فيقول: “إنّ الدنيا لمّا كان لها بُدْءٌ ونهاية -وهو خَتْمها- قضى الله -سبحانه- أن يكون جميع ما فيها بحسب نعتها: له بدء وختام. وكان من جملة ما فيها تنزيل الشرائع، فختم الله هذا التنزيل بشرع محمد e فكان ﴿خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾. وكان من جملة ما فيها الولاية العامّة -ولها بُدْءٌ من آدم- فختمها الله بعيسى، فكان الختم يضاهي البُدْءَ: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ فختم بمثل ما به بدأ: فكان البُدء لهذا الأمر بنبيّ مطلق، وخُتم به أيضا.
ولَمّا كانت أحكام محمد e عند الله تخالِف أحكام سائر الأنبياء والرسل: في البعث العام، وتحليل الغنائم، وطهارة الأرض، واتّخاذها مسجدا، وأوتي جوامع الكلم، ونُصِر بالمعنى وهو الرعب، وأوتي مفاتيح خزائن الأرض، وخُتمت به النبوّة؛ عاد حكم كلّ نبيّ بعده حُكْمَ ولِيٍّ، فأُنزل في الدنيا من مقام اختصاصه؛ استحقّ أن يكون لولايته الخاصّة ختم يواطئ اسْمُهُ اسْمَهُ e ويحوز خُلُقَه”[13].
“وكما أنّ الله ختم بمحمد e نبوّة الشرائع، كذلك ختم الله بالختم المحمّدي الولاية التي تحصل من الوِرث المحمّدي، لا التي تحصل من سائر الأنبياء”[14].
الختم الخاص المحمدي وعلامته:
“هو واحد لا في كلّ زمان، بل هو واحد في العالم. يختم الله به الولاية المحمّديّة، فلا يكون في الأولياء المحمّديّين أكبر منه”[15]. فهو “الذي وَرِث محمدا e وعلامته في نفسه: أن يعلم قدر ما ورث كلّ وليّ محمّديّ من محمد e؛ فيكون هو الجامعُ عِلْمَ كلِّ وليّ محمّديّ لله -تعالى-، وإذا لم يعلم هذا؛ فليس بختم. ألا ترى إلى النبيّ e لمّا ختم (الله) به النبيّين أُوتي جوامع الكلم، واندرجت الشرائع كلّها في شرعه؛ اندراجَ أنوارِ الكواكب في نور الشمس. فيعلم قطعا أنّ الكواكب قد ألقتْ شعاعاتها على الأرض، وتَمْنَعُ الشمسُ أن تميّزَ ذلك؛ فجعل النور للشمس خاصّة”[16].
أمّا العلامة الختميّة التي فيه فإنها تعني أنه “لا وليّ بعده إلّا وهو راجع إليه، كما أنّه لا نبيّ بعد محمد e إلّا وهو راجع إليه، كعيسى إذا نزل. فنسبة كلّ وليّ يكون بعد هذا الختم إلى يوم القيامة نِسبة كلّ نبيّ يكون بعد محمد e في النبوّة كإلياس وعيسى والخضر في هذه الأمّة”[17]. ويعود ذلك إلى أنّ “روح محمد e، هو الممِدّ لجميع الأنبياء، والرسل -سلام الله عليهم أجمعين- والأقطاب، من حين النشء الإنسانيّ إلى يوم القيامة.. ولهذا الروح المحمّديّ مظاهر في العالَم، أكمل مظهره في قطب الزمان وفي الأفراد، وفي ختم الولاية المحمّديّ، وختم الولاية العامّة الذي هو عيسى u”[18].
هجّير خاتم الأولياء:
هجّير خاتم الأولياء قوله تعالى: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾[19].
منزلة خاتم الأولياء:
“منزلته من رسول الله e منزلة شعرة واحدة من جسده e ولهذا يُشعر به إجمالا. ولا يُعلم تفصيلا إلّا مَن أعلمه الله به، أو مَن صدَّقه إن عرّفه بنفسه في دعواه ذلك. فلذلك عرف بأنّه شعرة، من الشعور. ومثال الشعور: أن ترى بابا مغلقا على بيتٍ، أو صندوقا مغلقا؛ فتُحِسُّ فيه بحركة تؤذِن أنّ في ذلك البيت حيوانا، ولكن لا تعلم أيّ نوع هو من أنواع الحيوان. أو تَشعر أنّه إنسانٌ ولا تَعرف له عينا فتفصله من غيره. كما تعلم، بثقل الصندوق، أنّه يحوي على شيء أثقله، لا تعلم ما هو عين ذلك الشيء المختزَن في ذلك الصندوق. فمثل هذا يسمّى: شعورا؛ لهذا الخفاء”[20].
خصائص خاتم الأولياء:
أمّا في ذات الإنسان فإنّ مقام الختم و”الإمام الأكبر والنور الأزهر: القلب، المقدَّم على عالم الشهادة والغيب، وهو الروح القدسي والإمام الأنسي وإليه أشار e بقوله: “ألا إنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”[21].
وأمّا في الواقع العام فإنّ الشيخ الأكبر يذكر عددا من الخصائص التي يتميّز بها خاتم الأولياء واستحق بها هذا المقام؛ ومن هذه الخصائص أنّ اسمَه يواطئ اسم النبي e كما أنه يحوز خُلُقَه على تمامها فيقال فيه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ كما قيل في رسول الله e، ويصرّف أخلاقه مع الناس بالموافقة مع تصريفها مع الله، كما يُبتلى بالإنكار عليه فيما يتحقّق به من الحقّ في سرّه من العلم بالله. ولأنه يكون قد حاز بمقامه هذا رتبة الخليفة عندئذ يؤذن له بالقعود على كرسي الإمامة وتصدّر مجلس التوجيه، فيبايعه أتباعه ومحبّوه ويجتمعون حوله رغبة في سلوك طريق الله على يديه. وهذا الأمر هو الذي يفسر لنا تسمية أئمة الطرق الصوفية بالختم سواء بوصف أتباعهم لهم، أو بكلام منهم صريح أو بقول يدل على المقصود مثل الحديث عن كعبة الحسن، أو مثل قولهم: “قدمي هذه على رقبة كل ولي” إشارة إلى تجاوزهم مقامات غيرهم من الأولياء الذين يسيرون على أثرهم.
نعود إلى ما ذكره الشيخ الأكبر عن خصائص ختم الأولياء، ومنها أنه: “يواطئ اسْمُهُ اسْمَهُ e ويحوز خُلُقَه. وما هو بالمهديّ المسمّى المعروف المنتظَر: فإنّ ذلك من سلالته وعترته، والختم ليس من سلالته الحسّيّة، ولكنّه من سلالة أعراقه وأخلاقه e”[22].
“وأمّا الصفة التي استحقَّ بها خاتم الولاية المحمديّة أن يكون خاتما، فبتمام مكارم الأخلاق مع الله. وجميع ما حصل للناس من جهته من الأخلاق؛ فمن كون ذلك الخُلُق موافقا لتصريف الأخلاق مع الله. وإنما كان ذلك كذلك، لأنّ الأغراض مختلفة، ومكارم الأخلاق عند مَن يتخلّق بها معه عبارة عن موافقة غرضه، سواء حُمِد ذلك عند غيره أو ذُمّ. فلمّا لم يتمكن في الوجود تعميم موافقة العالَم بالجميل، الذي هو عنده جميل، نظر في ذلك نظر الحكيم الذي يفعل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي. فنظر في الموجودات فلم يجد صاحبا مثل الحقّ، ولا صحبة أحسن من صحبته، ورأى أنّ السعادة في معاملته وموافقة إراداته. فنظر فيما حدّه وشرعه، فوقف عنده واتّبعه.
وكان من جملة ما شرعه أن علّمه كيف يعاشر ما سِوَى الله: من ملَك مطهَّر ورسول مكرَّم، وإمامٍ جعل اللهُ أمورَ الخلق بيده: مِن خليفة، إلى عريف، وصاحب، وصاحبة، وقرابة، وولد، وخادم، ودابّة، وحيوان، ونبات، وجماد، في ذاتٍ، وعرض، ومِلْكٍ، إذا كان ممن يملك. فراعى جميع مَن ذكرناه بمراعاة الصاحب الحقّ؛ فما صرَّف الأخلاق إلّا مع سيّده. فلمّا كان بهذه المثابة قيل فيه مثل ما قيل في رسوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. قالت عائشة: «كان خُلُقُه القرآن» يَحْمَد ما حَمِد الله، ويَذمّ ما ذمَّ الله؛ بلسان حقّ، ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾. فلمّا طابت أعراقُه، وعمّت العالَم أخلاقُه، ووصلت إلى جميع الآفاق أرفاقه، استحقّ أن يُخْتَمَ بمن هذه صفته الولايةُ المحمديّة، من قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾”[23].
ومن علاماته ابتلاء الله له “بأهل الإنكار عليه فيما يتحقّق به من الحقّ في سرّه من العلم به”[24]. ومبايعة محبّيه وسالكي الطريق إلى الله له “فقد صحت المبايعة للخليفة، ففاز بالمرتبة الشريفة.. ولا ينال هذا المقام الأجسم، بعد النبي المصطفى الأعظم، إلا ختم الأولياء الأطول الأكرم، وإن لم يكن من بيت النبي، فقد شاركه في النسب العلي، فهو راجع إلى بيته الأعلى، لا إلى بيته الأدنى”[25].
مقام ختم الأولياء ليس محصورا على فرد بعينه:
لقد التبس أمر الختم على كثير من المهتمين بهذا الأمر بسبب عدم قراءة مجمل تعبيرات الشيخ الأكبر عنها يدفع بصاحبه إلى الظن بانحصاره في شخص واحد لا يتعداه، فيحرص كل متّبع على وصف شيخ طريقته بهذا الوصف باعتباره المتفرد به. ولا يخفى أنّ تعصب كل صاحب رأي لشيخه يؤدي في النهاية إلى الوقوع في محظور تجريح واتهام الشيوخ الآخرين بالكذب، وهو أمر لا ينبغي حدوثه.
سنتابع أوّلا بعض عبارات ذكرها الشيخ الأكبر عن ماهية الختم ثم نقرأ مدلولاتها بعد ذلك.
يقول: “وأمّا طريقتنا وما يعطيه الكشف الذي لا مرية فيه، فهو المجموع من الأولياء الذين ذكرنا أعدادهم في أوّل هذا الباب. ومبلغ ذلك خمسمائة نفس وتسعة وثمانون نفسا. منهم واحد لا يكون في كلّ زمان، وهو الختم المحمدي. وما بقي فهم في كلّ زمان: لا ينقصون ولا يزيدون… ومرتبة الختمين ولكن لا يكونان في كلّ زمان؛ فلهذا لم نُلحقهما بالطبقات الثابتة في كلّ زمان “[26].
“اعلم.. أنّ الختم الذي يحمل لواء الولاية، ويكون المنتهى للمقام والغاية، أنه قد كان ختما لا يُعرف، وكان له أمر لا يُرد ولا يُصرف، في روحانية متجسدة، وفردانية متعددة، ختم أمرا جسيما فاستتر، وختم أمرا مقاميا فظهر… فليس الختم بالزمان، وإنما هو باستيفاء مقام العيان”[27].
“فلنذكر الآن نسختك من هذا الخليفة النبي الإمام، ثم أختم نسختك من ختم الأولياء الكرام:… للإنسان نسبان، وله في العالم منصبان؛ فأشرف نسبه وأعلى منصبه أن يُنسب إلى الحق لا لوالديه، وأن يقيم سره أبدا خديما بين يديه، فإذا صحت له هذه الرتبة، وفاز بأعلى درجة القربة، وتصرف عن سماع الإذن المتعالي، صحّ له النسب العالي، فكان إذ ذاك عبد الله بن فلان، وإماما يقتدي به الثقلان“[28].
“فخصّني الله بخاتمة أمر لم تخطر لي ببال؛ فشكرت الله -تعالى- بالعجز عن شكره، مع توفيتي في الشكر حقّه. وما ذكرتُ ما ذكرتُه من حالي للفخر. لا واللهِ؛ وإنما ذكرته لأمرين: الأمر الواحد لقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ وأيّةُ نعمةٍ أعظم من هذه؟!. والأمر الآخر ليسمعَ صاحبُ همّةٍ، فتحدث فيه همّةٌ لاستعمال نفسه فيما استعملتها؛ فينال مثل هذا؛ فيكون معي وفي درجتي. فإنّه لا ضيق ولا حرج إلّا في المحسوس، والألوهيّةُ خاصّةٌ“[29].
مما سبق نستنتج ما يلي:
- إنّ عدد الأولياء في المراتب المحددة المذكورة ثابت في كل زمان، فإذا مات واحد منهم حلّ محله آخر ليبقى العدد ثابتا لتلك المرتبة في ذلك الزمان. ولا يدخل في ذلك الختم فقد يكون قائما في زمان معيّن، وبعد موته ربما جاء آخر بعده مباشرة وربما لا يجيء؛ فإنّ الختم “لا يكون في كل زمان، ولذلك لم يلحقهما بالطبقات الثابتة في كلّ زمان”.
- الأمر لا يتعلق بشخص واحد نسمّيه الختم، وإنما يتصل بمرتبة مقامية تمثل حيازته كل مراتب الولاية إذا رقى إليها الولي سمي عندئذ عبد الله، ويكون الأولياء الآخرون الذين لم يصلوا إلى هذا المقام بمثابة التابعين له. كما هو حال النبي e الذي ختم النبوّة، مع الأنبياء الذين لم يبلغوا مقامه.
- العبارة الأخيرة للشيخ الأكبر صريحة وواضحة، فهي تحثّ من كان صاحب همّة يطّلع عليها أن ينحو منحى الشيخ حتى ينال ما ناله، ويكون رفيقه في هذا المقام والدرجة. ولعلّه استشعر اللبس الذي سيقع فيه مَن بعده، فأكّد أنّ التفرّد إنما يكون في المحسوس وفي الألوهيّة، وما عدا ذلك فلا ضيق ولا حرج.
من ذُكر تحققه من الشيوخ بهذا المقام:
سنذكر هنا عددا من الشيوخ الذين أُشيرَ إلى تحققهم بهذا المقام -حسب ما وصل إلي- مرتبين حسب تواريخ ظهورهم، وهم:
- الحكيم الترمذي (205-320ه) وهو أول من تطرّق لأمر الختم في كتابه “ختم الأولياء”.
- الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي (560-638ه)، وسيأتي ذكره.
- الشيخ أبو الحسن الشاذلي، مؤسس الطريقة الشاذلية (ت 656ه)، وصفه الشيخ محمد بن عبد الرحيم الطنتدائي الشاذلي بقوله:
وبسرِّ ختمِ الأولياء أبى الحسن | ذا الشاذليّ أخو الوفا للقُصّد |
- السيد أحمد التيجاني، مؤسس الطريقة التيجانية (1150-1230ه).
- السيد محمد عثمان الميرغني، مؤسس الطريقة الميرغنية (1208-1268هـ)
- بهاء الدين الروّاس، مجدد الطريقة الرفاعية (1220-1286هـ)، وهو القائل:
أَنا ختمُ الوَلايَةِ المُتَدلِّي | في سَمَواتِ مِرْطِها البرَّاقِ |
شَمِلَتْني رُوحُ النَّبيِّ بِحالٍ | نَبَوِيٍّ وطَهَّرتْ أَخْلاقي |
- الشيخ حميد الدين المقطري، مؤسس الطريقة الإلهية (ت 1361ه)، وسيأتي ذكره لاحقا.
والملاحظ على هؤلاء الشيوخ أنهم جميعا ممن أسسوا أو أقاموا طرقا صوفية شهيرة، ليتحقق بذلك ما ذكرناه عنهم منذ قليل بأنهم خلفاء وأئمة هدى. ولعلنا لو تتبعنا سيرة مؤسسي الطرق الصوفية الأخرى لوجدنا الأمر نفسه بشأنهم.
تحقّق الشيخ الأكبر بمقام الختم الخاص:
كثيرة هي العبارات والأبيات الشعرية التي تحدث الشيخ الأكبر عن تحققه بهذا المقام. وسنكتفي هنا بذكر نماذج منها، مبتدئين بعبارة مرموزة ذكرها في “عنقاء مغرب” عام 595ه:
- “فكان طلوعه بعد انقضاء الخاء من حروف الهجاء. وكان ميلاده بعد انقضاء الصاد والتاء، بعد ميلاد الإنشاء وانتظام الأجزاء”، يشير بذلك إلى نفسه[30].
- “ما علّقتُ نفسي قطّ إلى جانب الحقّ أن يطلعني على كونٍ من الأكوان، ولا حادثةٍ من الحوادث. وإنما علّقتُ نفسي مع الله أن يستعملني فيما يرضيه ولا يستعملني فيما يباعدني عنه. وأن يخصّني بمقام لا يكون لمتّبِعٍ أعلى منه. ولو أشركني فيه جميع مَن في العالَم، لم نتأثّر لذلك. فإِنِّي عبدٌ محض، لا أطلب الشفوف على عباده. بل جعل الله في نفسي من الفرح أَنِّي أتمنّى أن يكون العالم كلّه على قدم واحدة، في أعلى المراتب. فخصّني الله بخاتمة أمر لم تخطر لي ببال؛ فشكرت الله -تعالى- بالعجز عن شكره، مع توفيتي في الشكر حقّه”[31].
- “ولمّا مثّل النبيّ e النبوّة بالحائط من اللَّبِن وقد كَمُلَ سوى موضع لِبنَة، فكان رسول الله e تلك اللبنة. غير أنّه e لا يراها إلّا كما قال لبنةً واحدةً. وأمّا خاتم الأولياء فلا بدّ له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثّله به e، ويرى في الحائط موضع لبنتين، واللّبِنُ من ذهب وفضة. فيرى اللبنتين اللتين ينقص الحائط عنهما ويكمل بهما؛ لبنة فضة ولبنة ذهب. فلا بدّ أن يرى نفسه تنطبع تينك اللبنتين؛ فيكون خاتَمَ الأولياء بتينك اللبنتين، فيكمل الحائط. والسبب الموجِب لكونه رآها لبنتين أنّه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر وهو موضع اللبنة الفضة؛ وهو ظاهره وما تبعه فيه من الأحكام، كما هو آخِذ عن الله في السرِّ ما هو في الصورة الظاهرة متّبِع فيه؛ لأنّه يرى الأمر عَلَى ما هو عليه، فلا بدّ أن يراه هكذا، وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن، فإنّه أخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملَك الذي يوحي به إلى الرسول. فإن فهمتَ ما أشرتُ إليه فقد حصل لك العلم النافع”[32].
- “ولقد رأيتُ رؤيا لنفسي في هذا النوع، وأخذتُها بشرى من الله… فكنت بمكة سنة تسع وتسعين وخمسمائة، أَرى، فيما يرى النائم، الكعبة مبنيّة، بلبن فضة وذهب: لبنة فضة ولبنة ذهب، وقد كملت بالبناء وما بقي فيها شيء، وأنا أنظر إليها وإلى حسنها، فالتفتُّ إلى الوجه الذي بين الركن اليماني والشامي -هو إلى الركن الشامي أقرب- (فوجدت) موضع لَبِنتين: لبنة فضة ولبنة ذهب ينقص من الحائط في الصفين: في الصف الأعلى ينقص لبنة ذهب، وفي الصف الذي يليه ينقص لبنة فضة. فرأيت نفسي قد انطبعتُ في موضع تلك اللبنتين، فكنت أنا عين تينك اللبنتين… إلخ”[33].
أَنَا خَتْمُ الولايَةِ دُونَ شَكٍّ | لِوِرْثِ الهَاشِمِيَّ مَعَ المَسِيحِ[34] |
أنا خاتمٌ للأولياء كما أتى | بأنَّ ختام الأنبياءِ محمّدا |
ختامَ خصوصٍ لا ختامَ ولاية | تعمّ فإنّ الختمَ عيسى المؤيَّدا[35] |
ولمّا أتاني الحقُّ ليلاً مبشّراً | بأنّي ختام الأمر في غرَّة الشهر |
وقال لمنْ قدْ كانَ في الوقتِ حاضراً | منَ الملإِ الأعلى ومنْ عالمِ الأمرِ |
ألا فانظروا فيه فإنّ علامتي | على ختمهِ في موضعِ الضربِ في الظهرِ |
وأخفيتهُ عن أعينِ الخلقِ رحمةً | بهم للذي يعطى الجحود من الكفر |
عرضتُ عليهِ الملكَ عرضاً محقّقاً | فقالَ ليَ الأمرُ المعظّمُ في السترِ |
لأنكَ غيبٌ والسعيدُ من اقتدى | بسيّدِهِ في حالة ِ العسرِ واليسرِ[36] |
إذا لم أكن موسى وعيسى ومثلهم | فلست أبالي أنني جامع الأمر |
فإنّي ختم الأولياء محمد | ختامُ اختصاص في البداوةِ والحضر[37] |
* * *
الختم الخاص وكلّ من المهدي والختم العام
الفرق بين المهدي والختم:
الولاية ولايتان: ظاهرة وباطنة، الأولى تعكس كون النبي e حاكما في الظاهر، وصلتها تكون بالإمام المهدي، والثانية تعكس خلق النبي e وأعراقه وأخلاقه، وصلتها هنا بالختم الخاص. فمع أنّ المهدي والختم كلاهما وليٌّ، إلا أنّ خصائص ولاية كل منهما تختلف عن الأخرى لتحقق الشروط التي تطلبها كل منهما. فالمهدي “صاحب سيف حقٍّ، وسياسة مدنية. يَعرف من الله قدر ما تحتاج إليه مرتبته ومنزله؛ لأنّه خليفة مسدَّد. يفهم منطق الحيوان، يسري عدله في الإنس والجانّ”[38]، كما أنه “يكون أصدقَ أهل زمانه؛ فوزراؤه الهداة، وهو المهديُّ.. وأمّا ختم الولاية المحمديّة فهو أعلم الخلق بالله، لا يكون في زمانه ولا بعد زمانه، أعلمُ بالله وبمواقع الحكم منه. فهو والقرآن إخوان، كما أنّ المهديَّ والسيف إخوان”[39].
الختم العام والختم الخاص:
“الختم ختمان: ختمٌ يختم الله به الولاية على الإطلاق، وختم يختم الله به الولاية المحمديّة. فأمّا ختم الولاية على الإطلاق فهو عيسى u… وأمّا ختم الولاية المحمديّة فهي لرجل من العرب، من أكرمها أصلا ويدًا”[40].
عيسى هو الختم العام:
“اعلم أنّه لا بدّ من نزول عيسى u، ولا بدّ من حكمه فينا بشريعة محمد e يوحي الله بها إليه من كونه نبيّا”[41]، “وهو خاتمُ الأولياء. فإنّه من شرف محمد e أن ختم الله ولاية أمّته والولاية مطلقة بنبيٍّ رسولٍ مكرّم، ختم به مقام الولاية. فله يوم القيامة حشران؛ يُحشر مع الرسل رسولا، ويحشر معنا وليّا تابعا محمدا e، كَرّمه الله -تعالى- وإلياس بهذا المقام على سائر الأنبياء”[42].
أفضلية خاتم الأولياء على الصدّيق:
ولأنّ ختم الأولياء في أمّة محمد e نبيٌّ رسولٌ مكرَّمٌ هو عيسى u “وهو أفضل هذه الأمّة المحمديّة. وقد نبّه عليه الترمذي الحكيم في كتاب “ختم الأولياء” له، وشهد له بالفضليّة على أبي بكر الصدّيق وغيره، فإنّه وإن كان وليّا في هذه الأمّة، والملّة المحمديّة، فهو نبيّ ورسول في نفس الأمر، فله يوم القيامة حشران: يحشر في جماعة الأنبياء والرسل بلواء النبوّة والرسالة، وأصحابه تابعون له، فيكون متبوعا كسائر الرسل. ويُحشر أيضا معنا وليّا في جماعة أولياء هذه الأمّة، تحت لواء محمد e تابعا له، مقدَّما على جميع الأولياء من عهد آدم إلى آخر وليّ يكون في العالَم، فجمع الله له بين الولاية والنبوّة ظاهرا”[43]، ولذلك “كان الختم فوق رتبة الصدّيق إذ كان الممهد للطريق الذي مشى عليه عتيق. فالختم نبويّ المحتد، علويّ المشهد، فلهذا جعلناه فوق الصديق كما جعله الحق. فالآخذ نوره من مشكاة النبوّة أكبر ممن أخذ نوره من مشكاة الصدّيقية؛ فبين التابع والصاحب ما بين الشاهد والغائب”[44].
* * *
[1] الفتوحات المكية (ج5/ 386)
[2] الفتوحات المكية (ج5/ 390)
[3] الفتوحات المكية (ج5/ 410)
[4] الفتوحات المكية (ج7/ 346)
[5] الفتوحات المكية (ج4/ 426)
[6] الفتوحات المكية (ج7/ 476)
[7] الفتوحات المكية (ج4/ 399)
[8] الفتوحات المكية (ج9/ 27)
[9] مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم (ص: 261)
[10] الفتوحات المكية (ج12/ 423)
[11] عنقاء مغرب ص 13
[12] عنقاء مغرب ص 9
[13] الفتوحات المكية (ج4/ 421)
[14] الفتوحات المكية (ج4/ 420)
[15] الفتوحات المكية (ج4/ 274)
[16] الفتوحات المكية (ج12/ 381)
[17] الفتوحات المكية (ج1/ 544)
[18] الفتوحات المكية (ج1/ 430)
[19] انظر الفتوحات المكية (ج11/ 162)
[20] الفتوحات المكية (ج9/ 536)
[21] عنقاء مغرب ص 37
[22] الفتوحات المكية (ج4/ 422)
[23] الفتوحات المكية (ج4/ 420)
[24] الفتوحات المكية (ج4/ 420)
[25] عنقاء مغرب ص 38
[26] الفتوحات المكية (ج4/ 399)
[27] عنقاء مغرب ص 41
[28] عنقاء مغرب ص 62
[29] الفتوحات المكية (ج9/ 44)
[30] عنقاء مغرب ص 44 (الخاء: 600 وهو عام ظهوره. الصاد عند الشيخ: 60، التاء: 500 أي مولده عام 560 وهو كما نعلم عام ميلاد الشيخ الأكبر)
[31] الفتوحات المكية (ج9/ 44)
[32] فصوص الحكم ص: 63
[33] الفتوحات المكية (ج2/ 232)
[34] الفتوحات المكية (ج2/ 25)
[35] ديوان الشيخ الأكبر، ص 114
[36] ديوان الشيخ الأكبر، ص 183
[37] ديوان الشيخ الأكبر، ص 185
[38] الفتوحات المكية (ج9/ 55)
[39] الفتوحات المكية (ج9/ 58)
[40] الفتوحات المكية (ج4/ 419)
[41] الفتوحات المكية (ج1/ 543)
[42] الفتوحات المكية (ج1/ 426)
[43] الفتوحات المكية (ج1/ 543)
[44] عنقاء مغرب ص 13
[45] الفتوحات المكية (ج9/ 58)
[46] عنقاء مغرب ص 6
[47] عنقاء مغرب ص 5
[48] الفتوحات المكية (ج4/ 545)
[49] الفتوحات المكية (ج4/ 543)
[50] الفتوحات المكية (ج4/ 301)
[51] الفتوحات المكية (ج3/ 141)
[52] عنقاء مغرب ص 15
[53] عنقاء مغرب ص 17
[54] عنقاء مغرب ص 22
[55] عنقاء مغرب ص 23